منظمات حقوقية تندّد بتعامل السلطات مع المهاجرين بمقدونيا الشمالية

منظمات حقوقية تندّد بتعامل السلطات مع المهاجرين بمقدونيا الشمالية
حرس الحدود والمهاجرين غير الشرعيين

نددت منظمات حقوقية بتعامل حرس الحدود في مقدونيا الشمالية مع المهاجرين وإبعادهم إلى اليونان، دون أن يتمكن هؤلاء الأشخاص من تقديم طلب اللجوء، وذلك عقب إيقاف أكثر من 150 مهاجرا بعد دخولهم البلاد بشكل غير رسمي عبر اليونان ونقلهم إلى مركز استقبال قرب الحدود اليونانية.

وتسعى جمهورية مقدونيا الشمالية إلى صد محاولات دخول المهاجرين، رغم أن أغلب هؤلاء الأشخاص لا يرغبون بالبقاء فيها وإنما يعتبرونها مجرد محطة عبور إلى دول أوروبا الغربية الأكثر ثراء، وفق مهاجر نيوز.

قالت الشرطة المقدونية يوم السبت الماضي إنها عثرت على 86 مهاجرا، بينهم قاصرون، في شاحنة دخلت البلاد عبر اليونان، وقالت في بيان نشرته الأحد، إنهم كانوا في طريقهم إلى صربيا ويتحدرون من سوريا وباكستان والهند، وأعلنت الشرطة أنها ألقت القبض على سائق الشاحنة الذي يبلغ من العمر 44 عاما، وقد يواجه أحكاما بالسجن تصل إلى 5 أعوام.

وقبل ذلك بحوالي 10 أيام، أعلنت الشرطة عن إيقاف 87 مهاجرا آخرين في ظروف مماثلة، وقالت إنها ألقت القبض على مواطنين اثنين من مقدونيا الشمالية يشتبه بتنظيمهما عمليات تهريب، فيما نقلت المهاجرين إلى مركز استقبال "جيفجيليغا" (Gevgelija) ريثما "ترحلهم إلى اليونان".

الوضع على الحدود يثير استنكار المنظمات الإنسانية التي تقول إن قوات حرس الحدود في مقدونيا الشمالية تصد المهاجرين بعنف وتعيدهم قسرا إلى اليونان.

ووفقا لناشطين، تحدث عمليات الإبعاد بشكل عام بين بلدة جيفجيليغا في مقدونيا الشمالية وقرية إيدوميني اليونانية، حيث يوجد معبر حدودي، وبحسب الشهادات التي جمعتها شبكة مراقبة العنف على الحدود، عندما توقف الشرطة المهاجرين في البلدات القريبة من الحدود تقتادهم إلى "مخيم مغلق" محاط بسياج شائك ويضم غرفا مسبقة الصنع، أو في بعض الحالات "يعيد حرس الحدود" المهاجرين إلى اليونان بشكل قسري بعد ساعات من اعتراضهم.

تبعد مدينة سالونيكي اليونانية، حوالي 70 كيلومترا عن الحدود مع مقدونيا الشمالية، وتعتبر من أهم المدن التي يتلقى فيها المهاجرون بعض الدعم من قبل الجمعيات المحلية، فهي محطة عبور للأشخاص الذين عبروا من تركيا إلى اليونان وينوون إكمال طريقهم إلى مقدونيا الشمالية، لكنها أيضا المدينة التي يعود إليها المهاجرون في بعض الأحيان للحصول على بعض الراحة بعد إبعادهم من قبل قوات الحرس في مقدونيا الشمالية.

وتمكنت شبكة مراقبة العنف على الحدود (Border Violence Monitoring Network) والتي تنشط في مدينة سالونيك، من جمع شهادات لمهاجرين تعرضوا لعمليات الإبعاد تلك، وقالت في تقرير نشرته إن العنف الوارد في تلك الشهادات صادم"، وأشارت إلى عملية إبعاد عنيفة حدثت في أغسطس الماضي، حيث وضعت الشرطة 20 شخصا في شاحنة صغيرة ونقلتهم إلى ضفاف نهر فاردار.

وأشارت إلى أنهم ألقوا بممتلكات الناس في الماء، وأخذوا هواتفهم وأموالهم، وتعرضت المجموعة للضرب المبرح بهراوات الصعق الكهربائي وألقت الشرطة ببعض الأشخاص في النهر ثم أُعيدوا إلى الحدود ودُفعوا عبر بوابة تؤدي إلى الجانب اليوناني.

إعادة قسرية لليونان 

وأوضحت الشبكة غير الحكومية أن السلطات نفذت عملية صد في 24 إبريل الماضي، تعرّض خلالها 3 تونسيين للإبعاد بشكل قسري بعدما دخلوا إلى الأراضي المقدونية.

قال الشباب الثلاثة إنه بعد وصولهم إلى المركز، طلبت منهم السلطات بياناتهم الشخصية (الاسم، العمر، الجنسية..) ومن ثم أخذوا صورا لهم وسجلوا بصماتهم دون تواجد مترجم يشرح لهم الإجراءات المتخذة بحقهم.

وبحسب تقرير المنظمة، لم يتمكن الشباب من طلب اللجوء ونقلتهم الشرطة فيما بعد في سيارة إلى الحدود وأبعدوهم إلى الأراضي اليونانية حيث اضطروا إلى إمضاء ليلة في العراء قبل أن يتمكنوا من ركوب حافلة أوصلتهم إلى قرية يونانية (بوليكاسترو).

وفق أرقام المنظمة الدولية للهجرة، منذ بداية العام الجاري وحتى 25 يوليو الجاري وصل إلى مقدونيا الشمالية 8,200 شخص دخلوا البلاد بشكل غير شرعي، فيما لم تسجل اليونان دخول سوى حوالي 4,700 مهاجر إلى أراضيها في الفترة نفسها، أي أن بعض المهاجرين قبل توجههم إلى مقدونيا الشمالية يُرجح أنهم أمضوا أشهرا عدة في اليونان، حيث تتردى الظروف المعيشية في المخيمات وتزيد السلطات من تعقيد إجراءات طلب اللجوء والحصول على المساعدات.

وتؤكد المنظمات الحقوقية أن أغلب المهاجرين يتعرضون لعمليات إبعاد إلى اليونان، رغم أن مقدونيا الشمالية ملزمة وفقا للقانون بإعطائهم فرصة تقديم طلب اللجوء.

توضح ناشطة من شبكة مراقبة العنف على الحدود، تحفظت عن ذكر اسمها، أن  السلطات لم تعلن عن عقد مثل هذه الاتفاقيات وأنه من المفترض في حال وجود مثل هذه الاتفاقيات أن تتكفل اليونان باستقبال هؤلاء الأشخاص المبعدين بشكل رسمي، إلا أنه لا يوجد أي إجراء رسمي متبع في عمليات الإبعاد وأنه "لا يوجد أي أوراق رسمية أو إعادة استقبال".

من الناحية القانونية، في حال تعرضت الدولة للمساءلة، من الممكن بحسب الناشطة أن تبرر الحكومة ذلك بالمادة 76 الواردة في اتفاقيات تعود لعام 2001 و2007 وتتيح لمقدونيا الشمالية إعادة إرسال المهاجرين غير الشرعيين إلى دولة أوروبية أخرى.

"فرونتكس" على لائحة الاتهامات

تنبه المنظمات الحقوقية منذ عام 2019، من تواجد عناصر تابعين لوكالة حرس الحدود الأوروبية "فرونتكس"، وتتهمهم بارتكاب العنف وبالمشاركة في عمليات الصد على الحدود، في حين تنفي "فرونتكس" أي تواجد لعناصرها على تلك الحدود.

ودعت شبكة مراقبة العنف على الحدود ومنظمة "Statewatch" إلى التحقيق في مزاعم تواجد عناصر "فرونتكس" على الأراضي المقدونية، وقال العاملون في المنظمتين غير الحكوميتين إنهما منذ سبتمبر 2019، جمعوا شهادات تدل على مشاركة عناصر "فرونتكس" في عمليات إبعاد طالت حوالي 130 شخصا.

يذكر أن جمهورية مقدونيا الشمالية وقعت مذكرات تفاهم مع صربيا والمجر والنمسا لتعزيز الحراسة على الحدود، تتيح إرسال عناصر من هذه الدول الأوروبية إلى حدودها المشتركة مع اليونان لصد المهاجرين.

أزمات وتوقعات

وتتوقع دول البحر المتوسط الواقعة على الطرق الرئيسية للهجرة إلى أوروبا، وصول أكثر من 150 ألف مهاجر إليها هذا العام، في الوقت الذي تهدد فيه أزمات الأغذية الناجمة عن حرب أوكرانيا بموجة هجرة جديدة خاصة من إفريقيا والشرق الأوسط.

وطبقاً لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وصل بالفعل 36400 من طالبي اللجوء والمهاجرين إلى الدول الخمس؛ إيطاليا وإسبانيا واليونان وقبرص ومالطا هذا العام مقابل 123318 في عام 2021.

ومع ذلك ما زالت الأعداد الإجمالية أقل بكثير من مثيلتها في عام 2015 عندما وصل أكثر من مليون مهاجر إلى الدول الخمس فرارا من الفقر والصراعات في إفريقيا والشرق الأوسط.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية